قدمت Apple في عام 2016 هاتفها الجديد iPhone 7 و7 Plus وكالعادة تحدثت الشركة مُطولاً عن مميزات الهاتف الجديد وكيف أنه أفضل هاتف قدمته الشركة حتى الآن ولكن كان هناك شيئاً مفقود في الهاتف ألا وهو مدخل السماعات.
تلك كانت أسباب الشركة وسواء اتفقنا أو اختلفنا عليها فإن معظم مصنعي الهواتف الذكية قد بدأوا في اتباع خطوات Apple وأخرهم سامسونج التي أزالت مدخل السماعات من سلسلة S 10 وNote 10 هذا العام.
هناك العديد من التكهنات والآراء التي تحاول تفسير إزالة الشركات لمدخل السماعات من هواتفها، وسوف نتناول بعض تلك الآراء، ولكن أولاً دعنا نُلقي نظرة سريعة على حجم سوق السماعات اللاسلكية “وايرلس آيربودز”.
في الربع الثالث من عام 2019 وصل عدد السماعات اللاسلكية المُباعة إلى 33 مليون وحدة (ما يُقدر بـ 4.1 مليار دولار أمريكي) بنمو 22% مقارنة بنفس الربع من العام الماضي. وشركة Apple مُسيطرة على المبيعات بنسبة 45% من عدد الوحدات المباعة خلال العام، وفي المركز الثاني تأتي المفاجئة “شركة Xiaomi” والتي نجحت في التفوق على سامسونج بفضل نجاحها الهائل في الصين وتقديمها لسماعات لاسلكية مميزة “Air Dots”، وتأتي سامسونج في المركز الثالث ويليها JBL في المركز الرابع وBeats في الخامس.
بفضل إطلاق الشركات لإصدارات جديدة من سماعاتهم مثل Apple AirPods Pro و Amazon Eco Buds و Microsoft Surface Earbuds و Jabra Elite 75t فمن المتوقع زيادة الإقبال على الشراء أكثر، ومن المحتمل نمو حجم المبيعات إلى 133 مليون وحدة بنهاية العام.
أول اعتقاد حول سبب إزالة الشركات لمدخل السماعات من هواتفها كان البحث عن الأرباح والمكسب، ولكن كيف ذلك؟ عند إعلان Apple عن iPhone 7 أعلنت بجانبه عن سماعاتها اللاسلكية “AirPods” بسعر 160 دولار أمريكي، وأضافت Adapter في العلبة لكي تستطيع تشغيل سماعاتك القديمة على الهواتف الجديدة، ولكن إن فقدت هذا الـ “Adapter” فستضطر لشراء واحد جديد وحينها ستبيعه لك Apple بـ 9 دولار أمريكي. وتبع هذا النهج باقي الشركات فقد أعلن الكثير منهم عن سماعاته اللاسلكية بأسعار متقاربة، حتى أن Google أثناء إعلانها عن هاتف Pixel 3 أطلقت سماعاتها اللاسلكية هي الأخرى إلى جانب “Adapter” بسعر 14 دولار ولكنها سرعان ما خفضت سعره إلى 9 دولار بسبب اعتراض المستهلكين الشديد واعتبار ذلك سرقة.
قد تظن عزيزي القارئ أن هذا كله سرقة، فأسعار السماعات اللاسلكية مبالغ بها وهي ليست بجودة مثيلاتها السلكية، إذاً لماذا من الأساس توجهت الشركات إليها، وأظن أنك قد تجد الإجابة في السبب التالي.
“التطور”، دعنا نواجه الحقيقة أن مدخل السماعات التقليدي أصبح قديماً جداً وحتماً كان سيتم استبداله بشيء أخر في المستقبل، و Apple قد عَجلت بحدوث ذلك. وأي تقنية في بداية ظهورها لا يمكن أن تكون مثالية فهي تحتاج إلى عدة أجيال لتتطور وتُلبي احتياجات المستخدمين، وهذا بالضبط ما حدث مع السماعات اللاسلكية، فبالبداية كانت بطارياتها ضعيفة وكانت جودة الصوت دون المستوى وميكروفون المكالمات بجميعهم كان عديم الفائدة تقريباً، ولكن استمرت هذه السماعات بالتحسن إصدار تلو الأخر وأوضح مثال هو سماعات Apple AirPods حيث واجه الإصدار الأول منها انتقادات بسبب جودة الصوت المتوسطة وصِغر حجم البطارية، واستمر هذا الانتقاد في الجيل الثاني، حتى أعلنت الشركة عن الجيل الثالث “AirPods Pro” والتي عالجت بها مشكلة جودة الصوت المتوسطة، وأضافت خاصية عزل الضوضاء. الآن قد اتضحت الصورة حول حاجة أي تقنية جديدة إلى بعض الوقت لكي تتطور وتصبح أفضل.
السبب الثالث هو الحاجة إلى استغلال أي مساحة ممكن داخل الهواتف الذكية، جميع الهواتف الرائدة هذه الأيام مقاومة للماء والأتربة، وإزالة مدخل السماعات قد جعل ذلك أسهل بكثير على الشركات، والحاجة إلى زيادة حجم البطارية حيث بررت بعض الشركات إزالة مدخل السماعات لحاجتهم لوضع بطارية أكبر داخل هواتفهم.
السباق الشرس بين الشركات على تقليل الإطارات حول شاشات هواتفها كان حتماً سيؤدي في النهاية إلى الاستغناء عن مدخل السماعات للمساهمة في تقليل الإطارات قدر الإمكان، فمثلاً شركة Apple قامت بطَيِّ الحافة السفلية لشاشة هاتفها iPhone X من أجل تقليل الإطار السفلي قدر المستطاع، وذلك لن يكون ممكناً بوجود مدخل السماعات.
في النهاية لن يمر الكثير من الوقت حتى تتخلي جميع الشركات عن مدخل السماعات في هواتفها وهذا امر لا رجعة فيه، فإذا نظرنا للأمر من جانب تجاري فقط فمصنعي الهواتف الذكية لن يتخلوا عن مليارات الدولارات من أرباح بيع سماعاتهم اللاسلكية، وإذا نظرنا إلى الامر من جانب تقني فقط فالتطور أمر محتوم وقادم لا محالة ولا مجال للعودة إلى تقنيات قديمة مرة أخرى، لذلك في المستقبل القريب قد يتوجب عليك اقتناء سماعة لاسلكية.