مضحك ، ساخر و عنيف، عندما تجتمع هذه الصفات الثلاثة، فلا بد أننا بصدد التكلم عن أنمي One Punch Man الذي كان نتيجة للقريحة الفنية للمبدع الياباني ONE و المانغاكا Yûsuke Murata.
أبرز ما يميز هذا الأنمي هو ذلك التمرد على الصورة المعتادة التي تصاحب الأبطال الخارقين، فبدلا من اعتماد أبطال مفتولي العضلات بقدرات خارقة، يأتينا ون بنش مان بأبطال عاديين دون أية قدرة خارقة تذكر، و هم يسعون كالعادة إلى مواجهة الأشرار و لكن بنكهة ساخرة، وعلى رأس هؤلاء الأبطال نجد البطل سايتاما، المصاب بمتلازمة تمنعه من الشعور بأدنى تعاطف خلال المعارك. سايتاما هو الشخصية الرئيسية الاقوى في الأنمي، و يرجع الفضل في ذلك إلى قدرته على هزيمة الأعداء بلكمة واحدة .
بعد هذه الشعبية غير المسبوقة التي حازها هذا الأنمي ، قرر استوديو Spike Chunsoft بالتعاون مع شركة النشر Bandai Namco إصدار لعبة مقتبسة منه تحمل اسم One Punch Man: A Hero Nobody Knows.
لا يمكننا أن ننكر مدى صعوبة هذه المهمة ، فالأنمي يحمل العديد من التفاصيل التي لا تقبل التغيير ، فهل نجحت الشركتان حقا في الحفاظ على روح الأنمي، أم أنهما وقعتا في الفخ الذي من شأنه أن يُفقد للأنمي نكهته التي اشتهر بها؟
في لعبة One Punch Man: A Hero Nobody Knows ستدخل فورا إلى لب الموضوع بعد مقدمة مختصرة تهدف إلى وضعك في سياق اللعبة ، إذ ستظهر لك مباشرة شاشة لبناء شخصيتك ، و مع أنها تضم قائمة اعتيادية نوعا ما و لا تحمل أي جديد يذكر، إلا أنها توفر ما يكفي من الاختيارات لتصميم بطلك الخاص بشكل يتلاءم مع عالم اللعبة.
بعد ثباتك على الشخصية التي تود استعمالها، سيحين وقت اللعب، حيث ستتجول من مكان إلى آخر في مدينة Z-city الشبيهة بتلك الخاصة بالأنمي، و ستتاح لك فرصة التعلم من الأبطال و التعاون معهم للقضاء على مختلف الأشرار.
بالإضافة إلى الشخصية التي ستقوم بتصميمها، ستجد في اللعبة 27 شخصية أخرى، اثنتان منها خاصتان بالبطل سايتاما، و تستند القصة على أحداث الموسم الأول من الأنمي ، حيث ستجد كل الشخصيات التي كانت حاضرة في ذلك الموسم بما فيهم Genos التلميذ المخلص لسايتاما ، بالإضافة إلى Mustachio، Mumen Rider ، Sonic Sound … و غيرها من الشخصيات المحبوبة و الأيقونية من عالم الأنمي، و ستتاح لك فرصة اللعب بكل هذه الشخصيات كلما تقدمت في غمار اللعبة.
كما ستتمكن من الانضمام إلى جمعية الأبطال و الارتقاء فيها بتنفيذ المهمات التي تقوم على جوهر أساسي يتمثل في القضاء على الوحوش و الأشرار، مع الحفاظ على الهدف الأسمى و هو الوصول إلى المستوى S الذي يعتبر أعلى رتبة في الجمعية و يضم أقوى اللاعبين.
و لكن عموما لا نستطيع أن نقر باجتهاد استوديو Spike في عالم اللعبة ، إذ انه يستند بشكل كلي على نظام التقييم الموجود بالأنمي، كما يقدم مجموعة جد ضيقة من المناطق التي تمكنك من الوصول إلى المهمات الأساسية و المساعي الثانوية. و بشكل تقليدي ، سيتاح لك الوصول إلى أماكن أخرى بأهداف جديدة تزداد صعوبتها شيئا فشيئا مع تقدمك في اللعب و حصولك على تجارب أكبر. بعبارة أخرى، تعتمد اللعبة على مبدأ مكرر لا يحمل قدرا كبيرا من الإبداع و التجديد. و لن يمضي وقت طويل حتى تشعر بالملل من تلك المهمات التكرارية.
من جهة أخرى، إن كان هناك شيء يشدنا نحو أنمي ون بانش مان غير الجو الفكاهي الساخر، فهو حتما تلك المعارك و المواجهات الحماسية التي تتسم بديناميكية كبيرة بأحداثها العنيفة و المثيرة، و لكننا مع الأسف لم نجد هذه الميزة في أسلوب اللعب، فمع أن الهجمات و الضربات المبرحة حاضرة، إلا أنها محدودة جدا و تفتقد إلى الإمكانيات المتطورة التي من شأنها أن تضفي المزيد من الحماس إلى اللعب، الشيء الذي سيجعلك تشعر بالملل سريعا، خاصة مع بطئ إيقاع اللعب و انقطاعه المتكرر بسبب الوقت غير المعقول الذي تستغرقه الشخصيات للعودة إلى رشدها بعد القتال.
المهمات في حد ذاتها لا تمدك بقدر كافي من الاهتمام، إذ ستجد قدرا كبيرا من المهام التي تعطيك انطباعا بأنها فقط حشرت في اللعبة لتطيل من مدتها ، فلا تتفاجئ إن وجدت أن المطلوب منك مجرد إيصال طرد أو رسالة ما إلى أشخاص يبعدون عنك بضعة أمتار فقط .
هذا لا يمنع من وجود ناحية إيجابية ، فعلى الرغم من ندرتها ، ستجد بعض النقاط الجديدة المثيرة للاهتمام في اللعبة، و أهمها القدرة على استدعاء شخصية أخرى لمساعدتك على إنهاء النزال ، مع أنه نظام قد سبق اعتماده في ألعاب أخرى سابقا، إلا أن طريقة تبنيه في لعبة ون بانش مان غير مسبوقة ، حيث ستنفتح لك نافذة صغيرة في إحدى زوايا الشاشة ، ليظهر منها البطل الذي أُسندت له مهمة مساعدتك، و هي مصحوبة بمؤقت يعلمك بموعد وصول التعزيز . كما بإمكانك التقليل من ذلك العد التنازلي باستعمالك لمجموعة من ضربات الكومبو المتسلسلة، و هي استراتيجية مثيرة للاهتمام، خاصة عندما يتعلق الأمر بخصم قوي تصعب هزيمته.
لا تتوقف الأحداث المساعدة عند هذا الحد، فإلى جانب تلك التعزيزات، ستجد بعض العناصر التي ستمد لك يد العون خلال اللعب سواء تعلق الأمر بالهجوم أو الدفاع، و فوق ذلك ستتفاجأ أحيانا ببعض الكوارث الطبيعية التي تحدث في حلبة النزال، كسقوط وابل من النيازك أو التعرض إلى صاعقة من البرق … قد لا تؤثر هذه الأحداث على سيرورة المعركة ككل، لكنها حقا تضفي المزيد من الحركية و التفاعل للعبة.
طور القصة لا يوفر التعليقات إلا باللغة اليابانية، مما يمنحك تجربة غير مكتملة. و كما سبق و أشرنا نظام التقدم في اللعبة بدوره كلاسيكي للغاية لا يحمل أي جديد يذكر، و إمكانية تخصيص شخصيتك و الاختيار من بين مجموعة متنوعة من الأزياء لا تكفي على الإطلاق لإضفاء جو المتعة على اللعبة. و قد حاول المطورون تنويع أساليب القتال بشكل يتناسب مع عالم الأنمي، حيث سعوا إلى الحفاظ على روح الدعابة و المرح الذي عودنا عليه، لكن لم يكن ذلك كافيا أيضا لشد انتباهنا، فكل تلك المزايا لن تعني لك شيئا مع المستوى الرديء للعبة الذي يشعرك بالملل أكثر مما يشعرك بالمتعة.
الرسوميات بدورها لم تكن في المستوى المطلوب ، فهي لا تتناسب أبدا مع عنوان حديث كهذا ، إذ ستجد أن مستواها سيء، و أقل ما يقال عن الرسوميات التظليلية أنها بدائية و لا ترقى إلى مستوى الأنمي، الأدوات التحريكية أيضا مليئة بالاختلالات و المؤثرات الخاصة ليست في مستوى أفضل، و هذا دون التوسع في الحديث عن بعض الأخطاء الأخرى مثل الجدران الخفية التي تمنعك من الحركة ، و استحالة القفز في طور الاستكشاف.